اتضح بعد أحداث 8 ديسمبر 2010 أن هناك لبس لدى عدد كبير من الناس تجاه قانونية تصرفات قوات الأمن، وساهم في تعميق هذا اللبس "التوجيهات" السامية وتصريحات وزير الداخلية وزملائه وأخيراً التضليل والافتراء الذي مارسه قيادات وزارة الداخلية في مؤتمرهم الصحفي التلفزيوني مساء أمس، لذلك ارتأيت عرض الموضوع في تسلسل تاريخي وقانوني مبسط لعله يوضح الأمور. فلنبدأ.
ج: المادة (44) من الدستور تقول:
"للأفراد حق الاجتماع دون حاجة لإذن أو إخطار سابق ولا يجوز لأحد من قوات الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة.
والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة وفقاً للشروط والأوضاع التي بينها القانون على أن تكون أغراض الاجتماع ووسائله سلمية ولا تنافي الآداب العامة."
- هناك اجتماعات العامة وهناك تجمعات؟ ما الفرق؟
- "مباحة وفقاً للشروط والأوضاع التي بينها القانون" .. أي قانون؟ وما هي الشروط والأوضاع؟
للإجابة على التساؤل الأول، نذهب للمذكرة التفسيرية للدستور لنر ما تقول:
"أما الاجتماعات العامة سواء كانت في صورتها المعتادة في مكان معين لذلك، أو أخذت صورة مواكب تسير في الطريق العام، أو تجمعات يتلاقى فيها الناس في ميدان عام مثلاً، فهذه على اختلاف صورها السابقة لا تكون إلا وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون ..."
ج: صدر القانون بمرسوم في عام 1979 أثناء تعطيل الدستور من 1976 إلى 1981، يعني الحكومة هي التي صاغت القانون منفردة وأقرته فأصبح نافذاً من دون الأخذ برأي مجلس الأمة.
س: ما الأهمية في ذلك؟
ج: تكمن الأهمية في أنه من المتوقع أن يأتي القانون غير منسجم مع الدستور ويخدم ممارسات السلطة غير الدستورية في ذلك الوقت للحد من أي تحرك يطالب بعودة العمل بالدستور.
ج: نعم، ونورد مثالين ونترك الباقي لقراءتكم نص القانون كاملاً:
- المادة (1) تعرف الاجتماع العام بأنه "كل اجتماع يحضره أو يستطيع حضوره عشرين شخص للكلام أو لمناقشة موضوعات عامة ..." ناهيك عن أن عدد 20 يعتبر ضئيل وهو يتحقق في أي ديوانية في الكويت، بل ذهب القانون أكثر من ذلك وقال "يستطيع حضوره عشرين شخص" .. يعني حتى لو كان الاجتماع فيه 5 أشخاص، ولكنه في مكان يتسع لـ 20 شخص فإنه يعتبر اجتماعاً عاماً حسب القانون.
- المواد 4 و5 و6 تضع شتى أنواع القيود والعراقيل لعقد الاجتماع، كاشتراط الحصول على ترخيص من المحافظ بعد تقديم طلب موقع من ثلاثة مواطنين على الأقل مقيدين بجداول الانتخاب قبل موعد الاجتماع بـ 5 أيام، وإذا لم يرد المحافظ بالموافقة خلال اليومين اعتبر الطلب مرفوضاً.
الاجتماع العام أوردنا تعريفه أعلاه حسب المادة (1)، أما المادة (12) فتقول "... التجمعات التي تقام أو تسير في الطرق والميادين العامة ..."
س: القوانين الصادرة في غياب المجلس يجب أن يقرها المجلس بعد عودته، فهل حدث ذلك مع قانون التجمعات؟
ج: نعم، عرض القانون على المجلس بتاريخ 17 نوفمبر 1981، وتمت مناقشته في جلسة سرية، ثم وافق المجلس عليه.
س: إذن لا شبهة دستورية على القانون من حيث نفاذه، صح؟
ج: نعم ولا، القانون ظل القانون نافذاً بكامله حتى عام 2006، بعدها استمر النفاذ في أجزاء منه فقط دون أخرى.
س: ماذا حدث عام 2006؟
ج: إليكم القصة منذ بدايتها:
في ربيع عام 2004 أقام المحامي الحميدي السبيعي والناشط السياسي (النائب الحالي) مبارك الوعلان ندوة سياسية في ديوانية لمناقشة استجواب وزير المالية آنذاك محمود النوري، وعلى ضوئها حركت وزارة الداخلية ضدهما قضية لمخالفتهما قانون التجمعات بإقامة ندوة دون الحصول على ترخيص أمام محكمة الجنايات قضايا أمن دولة. ودفع محامو المتهمين بعدم دستورية قانون التجمعات ووصل الأمر إلى المحكمة الدستورية.
س: ماذا عن باقي مواد القانون؟
ج: المواد الباقية ما زالت قائمة تنظم مسألة المواكب والمظاهرات والتجمعات، وهذا ما عناه وزير الداخلية وقياداته الأمنية في تصريحاتهم ومؤتمرهم الصحفي عندما قالوا "طبقنا القانون."
س: إذن لا يوجد قانون الآن ينظم الاجتماعات العامة، هل شرع مجلس الأمة بديلاً عن الذي أسقطته المحكمة؟
ج: لا، هناك مشروع بقانون مقدم من الحكومة من سنتين ولكن إلى الآن لم يناقشه مجلس الأمة.
س: هل إجراء قوات الأمن في ندوة الحربش بالفعل يستند إلى قانون؟
ج: يعتمد، إذا الندوة تعتبر اجتماع عام فإجراء وزارة الداخلية لا يستند إلى قانون لأن المحكمة الدستورية أسقطت المواد المتعلقة بالاجتماع العام، أما إذا كانت تعتبر تجمع فالداخلية لديها قانون تستند عليه.
س: وهل ندوة الحربش اجتماع عام لا يقيده قانون والا تجمع ينطبق عليه ما بقي من قانون التجمعات؟
ج: الداخلية تقول كانت تجمع، ولكن وجهة النظر الأخرى تقول أنها اجتماع عام.
على العموم .. سواء الإجراء قانوني أو لا .. ليش تطقون الناس؟


0 коммент.:
Speak up your mind
Tell us what you're thinking... !