الاجتماعات والتجمعات.. فك الشفرة - arabian_blogs
Headlines News :
Home » » الاجتماعات والتجمعات.. فك الشفرة

الاجتماعات والتجمعات.. فك الشفرة

Written By andrey on пятница, 10 декабря 2010 г. | 02:29

اتضح بعد أحداث 8 ديسمبر 2010 أن هناك لبس لدى عدد كبير من الناس تجاه قانونية تصرفات قوات الأمن، وساهم في تعميق هذا اللبس "التوجيهات" السامية وتصريحات وزير الداخلية وزملائه وأخيراً التضليل والافتراء الذي مارسه قيادات وزارة الداخلية في مؤتمرهم الصحفي التلفزيوني مساء أمس، لذلك ارتأيت عرض الموضوع في تسلسل تاريخي وقانوني مبسط لعله يوضح الأمور. فلنبدأ.


س: من أين أتى حق الاجتماع؟

ج: المادة (44) من الدستور تقول:

"للأفراد حق الاجتماع دون حاجة لإذن أو إخطار سابق ولا يجوز لأحد من قوات الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة.

والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة وفقاً للشروط والأوضاع التي بينها القانون على أن تكون أغراض الاجتماع ووسائله سلمية ولا تنافي الآداب العامة."

لنتجاوز الفقرة الأولى لأنها تتحدث عن الاجتماعات الخاصة كاجتماع الناس بمنازلهم ودواوينهم وهي حق مطلق لا سلطان عليه. ما يعنينا في المادة هو الفقرة الثانية التي تندرج تحتها ندوة الحربش، ونجد أنها تبعث عدة تساؤلات أبرزها:

  1. هناك اجتماعات العامة وهناك تجمعات؟ ما الفرق؟
  2. "مباحة وفقاً للشروط والأوضاع التي بينها القانون" .. أي قانون؟ وما هي الشروط والأوضاع؟

للإجابة على التساؤل الأول، نذهب للمذكرة التفسيرية للدستور لنر ما تقول:

"أما الاجتماعات العامة سواء كانت في صورتها المعتادة في مكان معين لذلك، أو أخذت صورة مواكب تسير في الطريق العام، أو تجمعات يتلاقى فيها الناس في ميدان عام مثلاً، فهذه على اختلاف صورها السابقة لا تكون إلا وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون ..."

يبدو من المذكرة التفسيرية أن الفرق الأساسي بين الاجتماع العام والتجمع هو المكان، فالاجتماعات العامة مكانها معين ومحدد ويبدو أن له خصوصية أكثر من الميدان العام الذي صاحب تعريف التجمعات. أما التساؤل الثاني، فكما الدستور، أحالت المذكرة الدستورية مسألة الشرح إلى القانون الذي سيصدر لتنظيم المادة 44.

إذن لنذهب لذلك القانون، ولكن قبل ذلك، لنذكر لمحة تاريخية بسيطة عن القانون ستساعدنا في فهم سبب ورود بعض نصوصه بشكلها التي وردت فيه من خلال فهم العقلية والأجواء التي جاءت بها.


س: متى صدر قانون الاجتماعات العامة والتجمعات؟

ج: صدر القانون بمرسوم في عام 1979 أثناء تعطيل الدستور من 1976 إلى 1981، يعني الحكومة هي التي صاغت القانون منفردة وأقرته فأصبح نافذاً من دون الأخذ برأي مجلس الأمة.


س: ما الأهمية في ذلك؟

ج: تكمن الأهمية في أنه من المتوقع أن يأتي القانون غير منسجم مع الدستور ويخدم ممارسات السلطة غير الدستورية في ذلك الوقت للحد من أي تحرك يطالب بعودة العمل بالدستور.


س: وهل بالفعل أتى القانون بهذا الشكل؟

ج: نعم، ونورد مثالين ونترك الباقي لقراءتكم نص القانون كاملاً:

  1. المادة (1) تعرف الاجتماع العام بأنه "كل اجتماع يحضره أو يستطيع حضوره عشرين شخص للكلام أو لمناقشة موضوعات عامة ..." ناهيك عن أن عدد 20 يعتبر ضئيل وهو يتحقق في أي ديوانية في الكويت، بل ذهب القانون أكثر من ذلك وقال "يستطيع حضوره عشرين شخص" .. يعني حتى لو كان الاجتماع فيه 5 أشخاص، ولكنه في مكان يتسع لـ 20 شخص فإنه يعتبر اجتماعاً عاماً حسب القانون.
  2. المواد 4 و5 و6 تضع شتى أنواع القيود والعراقيل لعقد الاجتماع، كاشتراط الحصول على ترخيص من المحافظ بعد تقديم طلب موقع من ثلاثة مواطنين على الأقل مقيدين بجداول الانتخاب قبل موعد الاجتماع بـ 5 أيام، وإذا لم يرد المحافظ بالموافقة خلال اليومين اعتبر الطلب مرفوضاً.

الآن نعود لتساؤلاتنا، ما الفرق بين الاجتماع العام والتجمع حسب القانون؟

الاجتماع العام أوردنا تعريفه أعلاه حسب المادة (1)، أما المادة (12) فتقول "... التجمعات التي تقام أو تسير في الطرق والميادين العامة ..."

إذن القانون أكد أيضاً أن الفرق الأساسي بين الاجتماع العام والتجمع هو المكان، فالاجتماع العام يعقد في مكان معين ومحدد وله خصوصية أكثر من الطرق والميادين العامة التي تصاحب تعريف التجمع.


س: القوانين الصادرة في غياب المجلس يجب أن يقرها المجلس بعد عودته، فهل حدث ذلك مع قانون التجمعات؟

ج: نعم، عرض القانون على المجلس بتاريخ 17 نوفمبر 1981، وتمت مناقشته في جلسة سرية، ثم وافق المجلس عليه.


س: إذن لا شبهة دستورية على القانون من حيث نفاذه، صح؟

ج: نعم ولا، القانون ظل القانون نافذاً بكامله حتى عام 2006، بعدها استمر النفاذ في أجزاء منه فقط دون أخرى.


س: ماذا حدث عام 2006؟

ج: إليكم القصة منذ بدايتها:

في ربيع عام 2004 أقام المحامي الحميدي السبيعي والناشط السياسي (النائب الحالي) مبارك الوعلان ندوة سياسية في ديوانية لمناقشة استجواب وزير المالية آنذاك محمود النوري، وعلى ضوئها حركت وزارة الداخلية ضدهما قضية لمخالفتهما قانون التجمعات بإقامة ندوة دون الحصول على ترخيص أمام محكمة الجنايات قضايا أمن دولة. ودفع محامو المتهمين بعدم دستورية قانون التجمعات ووصل الأمر إلى المحكمة الدستورية.

وجاء حكم المحكمة الدستورية منتصراً للدستور، إذ أسقط المادتين (1) و(4) المتعلقة بالاجتماعات العامة، وأسقط أجزاء من نصوص المواد الأخرى في القانون التي تتعلق بالاجتماعات العامة. علماً بأن رئيس المحكمة الدستورية آنذاك هو المستشار راشد الحماد وزير العدل الحالي.

وقد جاء الحكم بتاريخ 1 مايو 2006 في فترة عزيزة على ساحة الصفاة وزملائها ومتابعيها، لأن الحكم صدر بعد 4 أيام من إنطلاق حملة "نبيها 5"، وقبل 4 أيام من أول تجمع جماهيري لـ "نبيها 5" أمام مجلس الوزراء، وكأن الحكم جاء ليقول "فتحت لكم الطريق، روحوا ومارسوا حقوقكم وديمقراطيتكم بلا خوف أو قيود."


س: ماذا عن باقي مواد القانون؟

ج: المواد الباقية ما زالت قائمة تنظم مسألة المواكب والمظاهرات والتجمعات، وهذا ما عناه وزير الداخلية وقياداته الأمنية في تصريحاتهم ومؤتمرهم الصحفي عندما قالوا "طبقنا القانون."


س: إذن لا يوجد قانون الآن ينظم الاجتماعات العامة، هل شرع مجلس الأمة بديلاً عن الذي أسقطته المحكمة؟

ج: لا، هناك مشروع بقانون مقدم من الحكومة من سنتين ولكن إلى الآن لم يناقشه مجلس الأمة.


س: هل إجراء قوات الأمن في ندوة الحربش بالفعل يستند إلى قانون؟

ج: يعتمد، إذا الندوة تعتبر اجتماع عام فإجراء وزارة الداخلية لا يستند إلى قانون لأن المحكمة الدستورية أسقطت المواد المتعلقة بالاجتماع العام، أما إذا كانت تعتبر تجمع فالداخلية لديها قانون تستند عليه.


س: وهل ندوة الحربش اجتماع عام لا يقيده قانون والا تجمع ينطبق عليه ما بقي من قانون التجمعات؟

ج: الداخلية تقول كانت تجمع، ولكن وجهة النظر الأخرى تقول أنها اجتماع عام.

وكمحاولة للفهم، نعود للفرق ما بين الاثنين وهو المكان، الاجتماع العام يعقد في مكان محدد ومعين ليناقش موضوعات عامة، أما التجمع فهو في الطرق والميادين العامة.

هناك وجهة نظر تقول أن الندوة عقدت في ديوانية لمناقشة موضوع عام، لذلك هي اجتماع عام، أما الداخلية فيبدو أنها ترى تواجد جمهور خارج الديوانية ينزع صفة "الاجتماع العام" ويحولها إلى تجمع لأن خارج الديوانية يعتبر مكان عام، وهو ما يبدو أنه استندت عليه "التوجيهات السامية" بمنع الندوات خارج الديوانيات. ولكن وجهة النظر المضادة تقول أن وجود الجمهور في الخارج هو امتداد للندوة المنعقدة في الداخل، فالأصل هو اجتماع عام في الداخل امتد حضوره للخارج، لذلك من المنطقي والطبيعي أن يتواجد بعض الجمهور في الخارج إذا ضاق بهم المكان في الداخل، وإذا كانت الداخلية ستمنع أي ندوة يتواجد فيها عشرين شخص خارج الديوانية لأنهم لم يجدوا مكاناً في الداخل، فإنها حجة للداخلية لمنع جميع الندوات لأن قليلة جداً الديوانيات في الكويت التي تتسع لأعداد كبيرة من الجماهير، وهذا التفاف على حق الناس الدستوري بالاجتماع العام الذي رسخته المحكمة الدستورية.

ولكن دعونا من التفسيرات ولنذهب إلى الواقعة الحقيقية التي بنت عليها المحكمة الدستورية حكمها، ندوة السبيعي والوعلان عقدت في ديوانية وحضرها أكثر من 20 شخص لمناقشة موضوع عام، والداخلية استندت في اتهامها لهما على عقد اجتماع عام من دون الحصول على ترخيص، وبدورها قالت المحكمة الدستورية أنه لا يحق لأي قانون أو جهة تقييد حقهما في عقد الاجتماع العام.

الظروف آنذاك هي نفس الظروف في ندوة الحربش، ديوانية وحضور أكثر من عشرين ومناقشة موضوع عام، ولكن الداخلية في 2004 اعتبرت ندوة السبيعي والوعلان اجتماع عام، واليوم تعتبر ندوة الحربش تجمع في ازدواجية معايير فاضحة من قبل وزارة الداخلية.

ولمزيد من التأكيد، جاء تصريح الخبير الدستوري د. محمد الفيلي اليوم في القبس ليؤكد أن ندوة الحربش تعتبر اجتماع عام وليس تجمع، لذلك فإن تصرف قوات الأمن لم يكن مستنداً على قانون، وبالتأكيد ستتوالى الآراء القانونية ولكن بعض الأمور لا تتطلب أكثر من الواقعية والمنطق وكشف التناقضات.

انتهى. في موضوع قادم سوف نورد مقتطفات من حكم المحكمة الدستورية التاريخي.


على العموم .. سواء الإجراء قانوني أو لا .. ليش تطقون الناس؟

Share this article :

0 коммент.:

Speak up your mind

Tell us what you're thinking... !

Template Information

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
Proudly powered by Blogger
Copyright © 2011. arabian_blogs - All Rights Reserved
Original Design by Creating Website Modified by Adiknya